قرن مضى على «الهولوكوست» الأرمني. ابادة، لم توحِّد الموقف الدولي منها حتى اليوم، رغم سيل من الشهادات والتقارير. وكأنَّ ما أصاب الأرمن في العام 1915 كان انتحاراً جماعياً، أو حادثاً «قضاءً وقدراً»، أودى، عن طريق «الصدفة»، بمليون ونصف المليون شهيد أرمني.
تجاهل للوقائع التاريخية، وتزوير، على مرأى من العالم الذي آثر الصمت على الادانة، حفاظاً منه على مصالح تربطه بتركيا.
«منذ أن نالت أرمينيا استقلالها، أخذ الدفاع عن الحقوق الأرمنية في المحافل الدولية طابعاً رسمياً، بعد نضال قاده الشتات الأرمني طيلة نصف قرن لانتزاع اعتراف بالابادة»، تقول المديرة التنفيذية لـ «الهيئة الوطنية الأرمنية في الشرق الأوسط» فيرا يعقوبيان. وتضيف: «أما اليوم، فقد بتنا أمام منعطف تاريخي لم نعد نسعى فيه الى تدويل القضية، بقدر ما نعمل على المطالبة بالتعويض المادي والمعنوي على الشعب الأرمني».
تصف يعقوبيان استخفاف تركيا بالابادة الجماعية لأبناء شعبها بـ «الغباء السياسي الذي أمعن في التعمية على فظائع أقرّت بها 23 دولة كما الاتحاد الأوروبي». وتوضح بأن «اعادة كتابة التاريخ يحتّم على السلطات التركية اعطاء تفسيرات ومبررات لشعبها الذي يجهل الحقيقة، بما ينعكس سلباً على الوضع الداخلي لتركيا وهويتها القومية، وهذا ما تخشاه تركيا، علماً بأن ذاكرة الشعب التركي والكردي لا تزال حافظة ً للوجود الأرمني، وللمعالم الأثرية الخاصة به التي تقصّد الاتراك محوها».
تلفت يعقوبيان الانتباه الى «جوٍّ جديد برز في السنوات العشر الأخيرة في تركيا يقوده المجتمع المدني المؤلف من مفكِّرين أتراك وإعلاميين، لا يخشى طرح مسألة الإبادة والتشديد على انه آن الاوان لطي صفحة الماضي، وإنْ حاذر الحديث عن تعويضات، ولكن هذا لا ينفي امكانية التأسيس على هذا الانفتاح كخطوة أولية».
يتوقف الأمين العام لحزب «الطاشناق» النائب هاغوب بقرادونيان عند تصريح البابا فرنسيس الأخير ليؤكد أنه «حسم الجدل باستعماله مصطلح ابادة جماعية بحق الأرمن، ناسفاً كل توصيف آخر خفَّف من وطأة ما جرى تماشياً مع مصالح مُطلقيه، من الحلفاء وغيرهم».
ويوضح بقرادونيان: «اننا لم نطالب يوماً الدولة اللبنانية بقطع علاقاتها مع تركيا، ولكننا نعتبر أن تركيا عدوةٌ للشعبيْن الأرمني واللبناني على حد سواء، فأيُّ علاقة أخوّة بين دولتيْن تكون مبنية على الدم؟».
ويلفت بقرادونيان الانتباه الى أنَّ «تركيا ماضيةٌ حتى اليوم بملاحقة الأرمن، أحفاد الابادة، بدعمها الارهاب الذي يضرب أحياء الأرمن في سوريا والأديرة والكنائس التي تحتضن رفات شهدائها، والعالم يتفرّج، وعلى رأسه الولايات المتحدة الأميركية التي استغلّت أصوات الناخبين الأرمن ونكثت بوعود أطلقها رؤساؤها للاعتراف بالابادة».
واذ يقرّ بقرادونيان بأن لبنان كان سبّاقاً في الاعتراف بالابادة الأرمنية في أيار من العام 2000، الا أنه يسجّل عتباً على الدولة اللبنانية لعدم تخصيصها يوم 24 نيسان عطلة رسمية تضامناً مع الشعب الأرمني الذي يُعد مكوّناً من مكونات المجتمع اللبناني. «في لبنان، يوم وطني للسلاحف البحرية، ولكن ماذا عن شهداء اللبنانيين الأرمن؟».